txt
جميع القصص

إضاءة على حفظ المقتنيات: جهود الحفاظ على العمل الفني "بلا عنوان" (1982) لضياء العزاوي

9 سبتمبر 2025

بقلم الدكتورة ستيفاني كافدا

في هذا الإصدار من سلسلة "إضاءة على حفظ المقتنيات" في متحف: المتحف العربي للفن الحديث، تُطلعنا الدكتورة ستيفاني كافدا، الرئيسة السابقة لقسم الترميم وحفظ المقتنيات في متحف: المتحف العربي للفن الحديث، على تفاصيل الجهود الحثيثة المبذولة لتبقى إحدى روائع الفن العراقي في أبهى حلّة.

المشاركة مع صديق

ضياء العزاوي، رسام ونحّات عراقي بارز، ويُعد من بين أهم الفنانين الحداثيين في العالم العربي.

يُشتهر العزاوي بأعماله الفنية المُشبعة بالدلالات والمفعمة بالخيال، مزاوجاً في أسلوبه بين التاريخ الثقافي الغني، والأسطورة، والأشكال التجريدية.

تشمل أعماله لوحات ومنحوتات ومطبوعات ورسومات وكتباً فنية، يطلق عليها اسم "دفاتر"، والتي تترجم شغفه بالشعر والأدب. كثيراً ما يستوحي العزاوي أعماله من الأساطير القديمة، وعلى رأسها ملحمة جلجامش السومرية.

ما الذي كشف عنه الفحص الدقيق لهذا العمل الفني؟

في إطار الاستعداد لأحد المعارض في متحف، نُقل هذا العمل الفني إلى مختبر حفظ المقتنيات بغرض الكشف عن حالته وتقييمها عن كثب. ما تبيّن حينها هو أن العمل قد تعرض للكثير من تقلبات الحرارة والرطوبة على مر السنين، عدا عن  تأثيرات الزمن الطبيعية، وهو ما نجم عنه التواء اللوح الخشبي الذي ثُبّت عليه النسيج وانكماشه، فلم يعد بمقدوره توفير الدعم المطلوب، بل تسبب في إلحاق الضرر بالنسيج. وما زاد الأمر سوءاً هو أن التثبيت الأصلي اعتمد على مسامير أحدثت ثقوباً في العمل.

عندما فصل فريق الترميم النسيج بعناية عن اللوح الخشبي، تبيّن أن الفنان استخدم نظام دعم من طبقتين: شبكة بلاستيكية وقماش مثبتين بغراء. ومع مرور الوقت، اصفرّ الغراء وفقد فعاليته، مما أضعف النسيج وتسبب في تيبس القماش وظهور بقع عليه. لذلك، كان من الواضح أنه لا بد من استبدال الدعامة القديمة، رغم أنها كانت أصلية.

txt

صورة تُظهر القماش المتيبّس والملطّخ، والشبكة البلاستيكية المتقادمة مع الغراء الأصفر القديم. الصورة: بإذن من أرشيف الترميم في متحف.

سحر الفيلكرو™: حل جديد ومُحسَّن

بعدما نظّف المرمم النسيج برفق باستخدام مكنسة كهربائية خاصة وفرشاة ناعمة، تركه ليستعيد تماسكه بعد الإجهاد الذي سببه التثبيت القديم. وفي خطوة إبداعية، جرى استخدام نظام تثبيت جديد ومُحسّن لضمان ثبات النسيج على اللوح وإمكانية عرض العمل دون تعرضه لأي تلف.

فقد استعان الفريق بنظام تثبيت خاص من الفيلكرو™، وهو تقنية شائعة في مجال ترميم المنسوجات، ومؤلفة من شريطين: أحدهما مغطى بخطافات صغيرة، والآخر بحلقات دقيقة. وعند ضغطهما معاً، تتشابك الخطافات بالحلقات لتشكل رباطاً مُحكماً. ميزة هذا الحل هو أنه يُتيح الفك والتركيب بسهولة دون اللجوء إلى الخياطة أو غيرها من الأساليب الدائمة.

txt

خطافات الفيلكرو™ مخيطة يدوياً على قطعة من قماش الكتان، ثُبّتت بدورها على الجهة الخلفية من النسيج. الصورة: بإذن من أرشيف الترميم في متحف.

تثبيت النسيج

ثبّت المرمم النسيج على دعامة جديدة متعددة الطبقات، ومصنوعة من مواد متينة، على النحو التالي:

  • وُضعت مادة تايفك - وهي مادة صناعية قوية وخفيفة الوزن تُستخدم في الترميم لحماية الأعمال الفنية من التلف مع السماح بمرور الهواء - مباشرة خلف النسيج للحماية من الغبار والعوامل البيئية.
  • تلا ذلك إضافة قماش من الكتّان خيطت عليه خطافات الفيلكرو™، ثم ثُبّت على ظهر النسيج.
  • ولضمان حماية مُحكمة وطويلة الأمد، جرى تدبيس حلقات شريط الفيلكرو™ على لوح من البوليكربونات.
  • ثم أُحكم التثبيت بضغط الخطافات مع الحلقات، ما أتاح تثبيت النسيج بأمان على لوح البوليكربونات.
txt

صورة لظهر النسيج تُظهر الدعامة الجديدة متعددة الطبقات من خلال لوح البوليكربونات الشفاف. الصورة: بإذن من أرشيف الترميم في متحف.

تثبيت آمن لحفظ مستدام

يمتاز هذا النظام المبتكر المعتمد على الخطاف والحلقة بكونه قابلاً للعكس ولا يتضمن الغرز أو الثقب، مما يوفر حماية فعّالة للعمل مع إتاحة ترميمه بسهولة أكبر في المستقبل. وبفضل هذه الجهود الدقيقة التي بذلها فريق الترميم، أصبح النسيج الآن مثبتاً بطريقة مُحكمة تحافظ على سلامته الفنية واستقراره البنيوي. كما يتيح نظام التثبيت الجديد عرض العمل دون مشاكل، وبما يضمن حفظه على المدى الطويل ليكون بمقدور الأجيال القادمة التمتع بجماليات هذه التحفة الفنية التي أبدعها ضياء العزاوي.

txt

صورة النسيج معروضاً بعد عملية إعادة التثبيت. الصورة: بإذن من أرشيف الترميم في متحف.

الدكتورة ستيفاني كافدا هي الرئيسة السابقة لقسم الترميم وحفظ المقتنيات في متحف: المتحف العربي للفن الحديث.